فصل: الفصل الأول في ذكر الخلافة ومن وليها من الخلفاء الراشدين من الصحابة رضوان الله عليهم ومن خلفاء بني أمية بالشام وخلفاء بني العباس بالعراق وخلفاء الفاطميين بمصر وخلفاء بني أمية بالأندلس:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: صبح الأعشى في كتابة الإنشا (نسخة منقحة)



.الفصل الثالث من الباب الأول من المقالة الثانية في كيفية استخراج جهات البلدان والأبعاد الواقعة بينها:

وفيه طرفان:

.الطرف الأول في كيفية استخراج جهات البلدان:

إذا كنت في بلد وأردت أن تعرف جهة بلد آخر عن البلد الذي أنت فيه، فالذي أطلقه كثير من المصنفين أنك تعرف طول البلد الذي أنت فيه وعرضه، وطول البلد الأخر وعرضه، وتقابل بين الطولين وبين العرضين، فإن كان ذلك البلد أعرض من بلدك مع مساواته له في الطول، فهو عنك في جهة الجنوب، وإن كان أطول من بلدك مع مساواته له في العرض، فهو عنك في جهة الشرق، وإن كان أقل طولاً مع مساواته في العرض، فهو عنك في جهة الغرب. وإن كان أطول وأعرض من بلدك، فهو عنك بين الشرق والشمال. وإن كان أقل طولاً وعرضاً، فهو عنك بين المغرب والجنوب. وإن كان أقل طولاً وأكثر عرضاً، فهو عنك بين الجنوب والشمال. وإن كان أكثر طولاً وأقل عرضاً، فهو عنك بين الشرق والجنوب.
والذي ذكره المحققون من علماء الهيئة أن البلد إذا كان أطول من بلدك مع مساواته له في العرض، يكون عنك في جهة الشرق بميلة إلى الشمال، وإذا كان أقل طولاً مع مساواته له في العرض، يكون في جهة الغرب بميلة إلى الشمال أيضاً.
وإذا كان أقل طولاً وعرضاً، يكون بين المغرب والجنوب على ما تقدم، إلا أن يقل بينهما بأن يكون أقل من درجة، فإنه يحتمل أن يكون كذلك وأن يكون على وسط المغرب، وإذا كان أقل طولاً وأكثر عرضاً، فإنه يكون بين المشرق والمغرب على ما تقدم، إلا أن يقل بينهما فيحتمل أن يكون كذلك وأن يكون على وسط المشرق.

.الطرف الثاني في معرفة الأبعاد الواقعة بين البلدان:

قد تقدم أن الأطول والعروض في الأمكنة والبلدان تعتبر بالدرج والدقائق وأن الدرجة مقسومة بستين دقيقة، ثم الذي حققه القدماء كبطليموس صاحب المجسطي وغيره تقدير الدرجة بستة وستين ميلاً وثلثي ميل، وبه أخذ أكثر المتأخرين وعليه العمل، وما وقع لأصحاب الرصد المأموني مما يخالف ذلك بنقص عشر درج مما لا تعويل عليه.
وقد نقل علاء الدين بن الشاطر من المتأخرين في زيجه عن القدماء أنهم قدروا الدرجة بالتقريب بعشرين فرسخاً، وبستين ميلاً، وبمائتي ألفٍ وأربعين ألف ذراع، وبخمسة بردٍ، وبمسير يومين.
وقدر الشافعي رضي الله عنه ذلك بسير يومين بالأيام المعتدلة دون لياليهما، وقدر السير بالسير المعتدل؛ وتقدير الدرجة كما بين الفسطاط ودمياط، فإن عرض دمياط يزيد على عرض الفسطاط بدرجة وكسر يسير على ما سيأتي ذكره.
فإن أردت أن تعرف كم بين البلد الذي أنت فيه وبين بلد آخر الخط المستقيم، فلك حالتان:
الحالة الأولى- أن يكون ذلك البلد على سمت بلدك الذي أنت فيه في الطول أو العرض، فانظر كم درجة بينهما بالزيادة والنقص فاضربه في ست وستين، وهو ما لكل درجة من الأميال، فما خرج من الضرب فهو بعد ما بينهما من الأميال على الخط المستقيم، فاعتبره بما شئت من المراحل والفراسخ والبرد على ما تقدم بيانه.
الحالة الثانية- إلا يكون ذلك البلد على سمت بلدك الذي أنت فيه، فطريقك أن تقابل بين عرض بلدك وطوله، وبينعرض البلد الأخر وطوله، وتنظر كم فضل ما بين الطولين وبين العرضين، وهو ما يزيده أحد الطولين أو أحد العرضين على الأخر فتضرب كلاً من فضل الطولين وفضل العرضين في مثله، وتجمع الحاصل من الضربين فما كان خذ جذره، وهو القدر الذي إذا ضربته في مثله حصل عنه ذلك العدد، فما بلغ مقدار ما بين بلدك والبلد الأخر من الدرج، فاضربه في ست وستين وثلثين على ما تقدم، فما بلغ فهو أميال، فاعتبره بما شئت من المراحل والفراسخ والبرد عل ما تقدم.
مثال ذلك- أن الفسطاط طوله خمس وخمسون درجة، وعرضه ثلاثون درجة ودمشق طولها ستون درجة، وعرضها ثلاث وثلاثون درجة ونصف درجة، ففضل ما بين طوليهما خمس درج، وفضل ما بين عرضيهما ثلاث درج ونصف درجة، فتضرب فضل ما بين الطولين، وهو خمس درج في مثله يبلغ خمساً وعشرين، وتضرب فضل ما بين العرضين، وهو ثلاث ونصف في مثله يبلغ اثني عشر وربعاً، فتجمع ما حصل من الضربين، وهو خمس وعشرون واثنا عشر وربع ويكون سبعاً وثلاثين وربعاً فخذ جذرها يكون ستاً ونصف سدسٍ تقريباً، وهو ما بين الفسطاط ودمشق من الدرج، فاضربه في ست وستين وثلثين، وهي ما للدرجة الواحدة من الأميال يكن أربعمائة وخمسة أميال وثلث سدس ميلٍ، فإذا اعتبرت كل أربعة وعشرين ميلاً بمرحلة على ما تقدم، كانت سبع عشرة مرحلةً تقريباً، وهو القدر الذي بين الفسطاط ودمشق على الخط المستقيم.
أما الطرق المسولكة إلى البلدان على التعاريج بسبب البحار والجبال والأودية وغيرها، فإنها تقتضي الزيادة على ذلك.
وقد ذكر أبو الريحان البيروني في كتابه القانون: أن زيادة التعريج على الأستواء يكون بقدر الخمس تقريباً. فإذا كان بين البلدين أربعون ميلاً على الخط المستقيم، كانت بحسب سير السائر خمسين ميلاً.
قلت: وفيه نظر لطول بعض التعاريج على بعض في الزيادة بالبحار والجبال عن الخط المستقيم على ما هو مشاهد في الأسفار، اللهم إلا أن يريد الغالب كما تقدم بين الفسطاط ودمشق، فقد مر أن بينهما على الخط مستقيم سبع عشرة مرحلة بالتقريب، فإذا أضيف إليها مثل خمسها، وهو ثلاثة وخمسان، كانت عشرين مرحلة، وهو القدر المعتاد في سيرها بالسير المعتدل.
واعلم أن طول البلدان وعروضها قد وقع في الكتب المصنفة فيها ككتاب الأطوال المنسوب للفرس، ورسم المعمور، المترجم للمأمون من اللغة اليونانية، والزيجات وغير ذلك اختلاف كثير وتباين فاحش. وممن صرح بذكر ذلك أبو الريحان البيروني في كتابه القانون فقال عند ذكرها: ولم يتهيأ لي تصحيح جميعها، وقد صححت ما أمكن منها.
قال في تقويم البلدان: إلا أن معرفة ذلك بالتقريب خير من الجهل بالكلية.

.الباب الثاني من المقالة الثانية في ذكر الخلافة ومن وليها من الخلفاء ومقراتهم في القديم والحديث وما انطوت عليه الخلافة من الممالك في القديم وما كانت عليه من الترتيب وما هي عليه الآن:

وفيه فصلان:

.الفصل الأول في ذكر الخلافة ومن وليها من الخلفاء الراشدين من الصحابة رضوان الله عليهم ومن خلفاء بني أمية بالشام وخلفاء بني العباس بالعراق وخلفاء الفاطميين بمصر وخلفاء بني أمية بالأندلس:

أما الخلافة، فسيأتي في المقالة الخامسة في الكلام على الولايات أن المراد بها خلافة النبي صلى الله عليه وسلم بعده في أمته، ولذلك كان يقال لأبي بكر الصديق رضي الله عنه: خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن الراجح أنه لا يجوز أن يقال في الخليفة خليفة الله إلى تمام القول فيما سيأتي ذكره هناك، إن شاء الله تعالى.
وأما من وليها من الخلفاء، فعلى أربع طبقات:
الطبقة الأولى الخلفاء من الصحابة رضوان الله عليهم:
وأولهم: أبو بكر الصديق رضي الله عنه بويع بالخلافة في اليوم الذي مات فيه النبي صلى الله عليه وسلم، على ما سيأتي ذكره في الكلام على البيعات من المقالة الخامسة إن شاء الله تعالى.
وبقي حتى توفي لتسع ليال بقين من جمادى الأخرة سنة ثلاث عشرة من الهجرة ودفن مع النبي صلى الله عليه وسلم، في حجرة عائشة رضي الله عنها.
وبويع بعده عمر بن الخطاب رضي الله عنه في اليوم الذي مات فيه أبو بكر رضي الله عنه بعد أن عهد له بالخلافة، وتوفي يوم السبت سلخ ذي الحجة الحرام سنة ثلاث وعشرين بطعنة أبي لؤلؤة: غلام المغيرة بن شعبة، ودفن مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر الصديق رضي الله عنه.
وفي أيامه فتحت الأمصار: ففتحت دمشق على يد خالد بن الوليد وأبي عبيدة بن الجراح، وتبعها في الفتح سائر بلاد الشام ففتحت بيسان وطبرية، وقيسارية، وفلسطين وعسقلان، وبعلبك، وحمص، وحلب، وقنسرين، وانطاكية؛ وسار إلى بيت المقدس في خلال ذلك، ففتحه صلحاً.
وفتح من بلاد الجزيرة الفراتية: الرقة، وحران، والموصل، ونصيبين، وآمد، والرها.
وفتح من العراق: القادسية، والمدائن، على يد سعد بن أبي وقاصٍ، وزال ملك الفرس، وانهزم ملكهم يزدجرد إلى فرغانة من بلاد الترك.
وفتحت أيضاً كور دجلة، والأبلة، على يد عتبة بن غزوان.
وفتحت كور الأهواز على يد أبي موسى الأشعري.
وفتحت نهاوند، وإصطخر، وأصبهان، وتستر، والسوس، وأذربيجان، وبعض أعمال خراسان.
وفتحت مصر، والأسكندرية، وأنطابلس، وهي برقة، وطرابلس الغرب، على يد عمرو بن العاص.
وبويع بالخلافة بعده عثمان بن عفان رضي الله عنه لثلاث بقين من المحرم سنة أربع وعشرين؛ وقتل بالمدينة لثمان عشرة ليلة خلت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، وقيل يوم الأضحى، وقيل غير ذلك.
وبويع بالخلافة بعده علي كرم الله وجهه يوم قتل عثمان، وقتل لسبع عشرة ليلة خلت من رمضان سنة أربعين من الهجرة بالعراق، ودفن بالنجف على الصحيح المشهور.
وبويع بالخلافة لابنه الحسن بالكوفة من العراق يوم قتل أبيه، وسلم الأمر لمعاوية لخمس بقين من ربيع الأول سنة إحدى وأربعين، وقيل في ربيع الأخر، وقيل في جمادى الأولى، ولحق بالمدينة فأقام بها إلى أن توفي بها في ربيع الأول سنة تسع وأربعين، وقيل ست وخمسين.
الطبقة الثانية خلفاء بني أمية:
أولهم معاوية بن أبي سفيان كان أميراً على الشام في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، واستمر بها إلى أن سلم الحسن إليه الأمر، فاستقل بالخلافة وبقي حتى توفي بدمشق مستهل رجب الفرد سنة ستين من الهجرة، وقيل في النصف من رجب، وهو أول من رتب أمور الملك في الإسلام.
وقام بالأمر بعده ابنه يزيد بالعهد من أبيه، وبويع له بعد وفاته في رجب سنة ستين، وتوفي لأربع عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة أربع وستين.
وقام بالأمر بعده ابنه معاوية وبويع له بالخلافة في النصف من شهر ربيع الأخر سنة أربع وستين، فأقام بالخلافة أربعين يوماً، وقيل ثلاثة أشهر، وقيل عشرين يوماً.
وقام بالأمر بعده مروان بن الحكم وبويع له بالخلافة بالجابية في رجب سنة أربع وستين، ثم جددت له البيعة في ذي القعدة من السنة المذكورة وتوفي بالطاعون بدمشق في شهر رمضان سنة خمس وستين.
وقام بالأمر بعده ابنه عبد الملك بالعهد من أبيه، وبويع له بالخلافة في الثالث من شهر رمضان المذكور، وتوفي بدمشق منتصف شوال سنة ست وثمانين.
وقام بالأمر بعده ابنه الوليد بالعهد من أبيه، وبويع له بالخلافة يوم موت أبيه، وتوفي بدمشق في منتصف جمادى الأخرة سنة ست وتسعين.
وقام بالأمر بعده أخوه سليمان بن عبد الملك وبويع له يوم موت أخيه الوليد، وكان أبوه قد عهد أن يكون هو الخليفة بعد أخيه الوليد، وتوفي بدابق لعشر خلون من صغفر سنة تسع وتسعين.
وقام بالأمر بعده ابن عمه عمر بن عبد العزيز بعهد له؛ وبويع له بالخلافة يوم موته؛ وتوفي بخناصرة لخمس وقيل لست بقين من رجب سنة إحدى ومائة.
وقام بالأمر بعده يزيد بن عبد الملك بن مروان بعهد من أخيه سليمان أن يكون له الأمر من بعد عمر بن عبد العزيز، وقيل: بعهد من أبيه أن يكون له الأمر بعد أخيه سليمان، ولكنه سلم لابن عمه عمر؛ وبويع له يوم موت عمر، وتوفي بجولان لخمس بقين من شعبان سنة خمس ومائة.
وقام بالأمر بعده أخوه هشام بن عبد الملك بعهد من أخيه يزيد، بويع له بالخلافة في يوم موته، وتوفي بالرصافة لست خلون من ربيع الأول سنة خمس وعشرين ومائة.
وقام بالأمر بعده الوليد بن يزيد بن عبد الملك بويع له بالخلافة لثلاث خلون من ربيع الأخر سنة خمس وعشرين ومائة، وقيل لليلتين بقيتا من جمادى الأخرة سنة ست وعشرين.
وقام بالأمر بعده ابنه يزيد المعروف بالناقص؛ سمي بذلك لنقصه الجند ما كان زادهم يزيد، بويع له بالخلافة يوم قتل الوليد، وتوفي بدمشق لعشر بقين من ذي الحجة من السنة المذكورة.
وقام بالأمر بعده أخوه إبراهيم بن الوليد بويع له بالخلافة بعد وفاة أخيه في ذي الحجة المذكور، فمكث أربعة أشهر، وقيل أربعين يوماً ثم خلع نفسه.
وقام بالأمر بعده مروان بن محمد بن مروان بن الحكم الجعدي بتسليم إبراهيم بن الوليد الأمر إليه؛ وفي أيامه ظهرت دعوة بني العباس، وقصدته جيوشهم فهرب إلى مصر، فأدرك وقتل بقرية يقال لها بوصير من الفيوم، وبزواله زالت دولة بني أمية.
الطبقة الثالثة خلفاء بني العباس بالعراق:
وأول من قام بالأمر منهم بعد خلفاء بني أمية السفاح وهو أبو العباس عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، عم النبي صلى الله عليه وسلم، بويع له بالخلافة بالكوفة لثلاث عشرة ليلة خلت من ربيع الأخر سنة اثنتين وثلاثين ومائة، وتوفي بالأنبار لثلاث عشرة خلت من ذي الحجة سنة ست وثلاثين ومائة.
وقام بالأمر بعده أخوه المنصور أبو جعفر عبد الله؛ بويع له بالخلافة يوم موت أخيه السفاح، وتوفي بطريق مكة وهو محرم بالحج سنة ثمانٍ وخمسين ومائة، ودفن بالحجون.
وقام بالأمر بعده ابنه المهدي أبو عبد الله محمد، بويع له بالخلافة يوم مات أبوه بطريق مكة وهو يومئذ ببغداد، وتوفي بماسبذان في المحرم سنة تسع وستين ومائة.
وقام بالأمر بعده ابنه الهادي أبو محمد موسى؛ بويع له بعده أبيه يوم موته وهو غائب، فسار إلى بغداد ودخلها بعد عشرين يوماً، وتوفي لأربع عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة سبعين ومائة.
وقام بالأمر بعده الرشيد أبو محمد هرون بن المهدي؛ بويع له بالخلافة ليلة مات أخوه الهادي، وتوفي ليلة السبت لثلاث خلون من جمادى الأخرة سنة ثلاث وتسعين ومائة.
وقام بالأمر بعده ابنه الأمين أبو عبد الله محمد، ويقال أبو موسى، ويقال أبو العباس، بالعهد من أبيه هرون الرشيد، وبويع له صبيحة الليلة التي توفي فيها أبوه الرشيد، وقتل لخمس بقين من المحرم سنة ثمان تسعين ومائة.
وقام بالأمر بعده أخوه المأمون أبو العباس، ويقال أبو جعفر عبد الله، بالعهد له من أبيه الرشيد أن يكون له الأمر بعد أخيه الأمين، وبويع له بالخلافة يوم قتل أخيه الأمين ببغداد وهو غائب؛ وبويع له البيعة العامة لخمس بقين من المحرم سنة ثمان وتسعين ومائة، وتوفي بأرض الروم لليلة بقيت من رجب، وقيل لثمان خلون منه سنة ثماني عشرة ومائتين، ودفن بطرسوس.
وقام بالأمر بعده أخوه المعتصم بالله أبو إسحاق محمد بن هرون الرشيد؛ بويع له بالخلافة يوم موت أخيه المأمون وهو يومئذ بطرسوس، فسار إلى بغداد، فدخلها مستهل رمضان سنة ثماني عشر ومائتين، وتوفي بسامرا لثماني عشرة ليلة مضت من ربيع الأول سنة سبع وعشرين ومائتين.
وقام بالأمر بعده ابنه الواثق بالله أبو جعفر هرون؛ بويع له بالخلافة يوم موت أبيه، وتوفي بسر من رأى لستً بقين من ذي الحجة سنة اثنتين وثلاثين ومائتين.
وقام بالأمر بعده أخوه المتوكل على الله أبو الفضل جعفر، بويع له بالخلافة يوم موت أخيه الواثق، وقتل لثلاث خلون من شوال سنة سبع وأربعين ومائتين.
وقام بالأمر بعده ابنه المستنصر بالله أبو جعفر محمد؛ بويع له بالخلافة صبيحة قتل أبيه المتوكل، وتوفي بسامرا لثلاث خلون من ربيع الأخر، وقيل لخمس خلون من ربيع الأول سنة ثمان وأربعين ومائتين.
وقام بالأمر بعده المستعين بالله أبو العباس أحمد بن المعتصم بالله المتقدم ذكره؛ بويع له بالخلافة في اليوم الثاني من موت المستنصر، وخلع نفسه لأربع خلون من ربيع الأخر سنة ثمان وأربعين ومائتين، وجهز إلى واسط، فقتل بها في آخر رمضان من السنة المذكورة.
وقام بالأمر بعده المعتز بالله أبو عبد الله محمد، وقيل أبو الزبير بن المتوكل على الله المتقدم ذكره؛ بويع له ببغداد حين خلع المستعين نفسه، وبايعه المستعين فيمن بايع، وخلع لثلاث بقين من رجب سنة خمس وخمسين ومائتين، ثم قتل بعد ذلك.
وقام بالأمر بعده المهتدي بالله أبو عبد الله، ويقال أبو جعفر محمد بن الواثق بالله المتقدم ذكره؛ بويع له بالخلافة بعد ليلتين من خلع المعتز بالله، وقتل لأربع عشرة ليلة خلت من رجب سنة ست وخمسين ومائتين، وكان يقال هو في بني العباس مثل عمر بن عبد العزيز في بني أمية.
وقام بالأمر بعده المعتمد على الله أبو العباس، ويقال أبو جعفر أحمد بن جعفر المتوكل المتقدم ذكره؛ بويع له بالخلافة يوم قتل المهتدي بالله، وتوفي لإحدى عشر ليلة بقيت من رجب سنة تسع وسبعين ومائتين.
وقام بالأمر بعده المعتضد بالله أبو العباس أحمد بن الموفق، طلحة ابن جعفر المتوكل؛ بويع له بالخلافة يوم قتل المعتمد على الله، وتوفي ببغداد لسبع قيل لثمان بقين من شهر ربيع الأخر سنة تسع وثمانين ومائتين.
وقام بالأمر بعده ابنه المكتفي بالله أبو محمد علي؛ بويع له بالخلافة يوم موت أبيه المعتضد وهو غائب بالرقة، وكتب إليه بذلك فأخذ البيعة على من عنده وسار إلى بغداد، فدخلها لثمان خلون من جمادى الأولى من سنته، وتوفي ببغداد لثلاث عشرة ليلة، وقيل لثنتي عشرة ليلة خلت من ذي القعدة سنة خمس وتسعين ومائتين.
وقام بالأمر بعده أخوه المقتدر بالله أبو الفضل جعفر بن المعتضد بالله المتقدم ذكره، وخلع لعشر بقين من ربيع الأول سنة ست وتسعين ومائتين.
وبويع المرتضى بالله أبو محمد عبد الله بن المعتز، فأقام يوماً وليلة ثم اضطرب عليه الأمر فاختفى، وعاد الأمر إلى المقتدر فظفر بابن المعتز فصادره، ثم أخرج من دار السلطان ميتاً لليلتين خلتا من ربيع الأخر من السنة المذكورة، ثم خلع المقتدر بالله نفسه، وبويع بالخلافة أخوه القاهر بالله أبو منصور محمد بن المعتضد فأقام يومين، ثم عاد الأمر إلى المقتدر بالله وبقي حتى قتل لثلاث خلون من شوال سنة عشرين وثلثمائة.
وقام بالأمر بعده أخوه القاهر بالله المتقدم ذكره، لليلتين بقيتا من شوال سنة عشرين وثلثمائة، ثم خلع وسملت عيناه لست خلون من جمادى الأولى سنة اثنتين وعشرين وثلثمائة.
وقام بالأمر بعده ابن أخيه الراضي بالله أبو العباس أحمد بن المقتدر بالله المتقدم ذكره، وتوفي لست عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة تسع وعشرين وثلثمائة.
وقام بالأمر بعده أخوه المتقي بالله أبو إسحاق إبراهيم بن المقتدر بالله المتقدم ذكره؛ بويع له بالخلافة لعشر بقين من ربيع الأول سنة تسع وعشرين وثلثمائة وخلع وسملت عيناه لعشر بقين من صفر سنة ثلاث وثلاثين وثلثمائة.
وقام بالأمر بعده ابن عمه المستكفي بالله أبو القاسم عبد الله بن المكتفي بالله المتقدم ذكره؛ بويع له بالخلافة يوم خلع المتقي بالله بمشاركته له، ثم خلع وسملت عيناه في جمادى الأخرة سنة أربع وثلاثين وثلثمائة.
وقام بالأمر بعده ابن عمه المطيع لله أبو القاسم، ويقال أبو العباس الفضل بن المقتدر بالله المتقدم ذكره؛ بويع له بالخلافة يوم خلع المستكفي، وخلع نفسه منها للعجز بالمرض في الثالث عشر من ذي القعدة سنة ثلاث وستين وثلثمائة.
وولي الخلافة بعده ابنه الطائع لله أبو بكر عبد الكريم؛ بويع له بالخلافة يوم خلع أبيه المطيع لله، وقبض عليه لاثنتي عشرة ليلة بقيت من شعبان سنة إحدى وثمانين وثلثمائة فخلع نفسه.
وقام بالأمر بعده القادر بالله أبو العباس أحمد بن إسحاق؛ بويع له بالخلافة يوم خلع الطائع، وكان غائباً بالبطائح فأحضر، وجددت له البيعة ببغداد في شهر رمضان من السنة المذكورة، وتوفي حادي عشر ذي الحجة سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة.
وقام بالأمر بعده ابنه القائم بأمر الله أبو جعفر عبد الله بالعهد من أبيه، وجددت له البيعة بعد موت أبيه، توفي ثالث عشر شعبان سنة سبع وستين وأربعمائة.
وقام بالأمر بعده ابن ابنه المتقدم بأمر الله عبد الله بن ذخيرة الدين محمد بن القائم بأمر الله المتقدم ذكره، وتوفي فجأة في الخامس والعشرين من المحرم سنة سبع وثمانين وأربعمائة.
وقام بالأمر بعده ابنه المستظهر بالله أبو العباس أحمد؛ بويع له بالخلافة بعد وفاة أبيه، وتوفي سادس عشر ربيع الأخر سنة اثنتي عشرة وخمسمائة.
وقام بالأمر بعده ابنه المسترشد بالله أبو منصور الفضل؛ بويع له بالخلافة بعد وفاة أبيه المستظهر، وقتل في قتال الباطنية سابع عشر ذي القعدة سنة تسع وعشرين وخمسمائة.
وقام بالأمر بعده ابنه الراشد بالله أبو جعفر المنصور، بالعهد من أبيه، وجددت له البيعة يوم قتله، وخلع في منتصف ذي القعدة سنة ثلاثين وخمسمائة.
وقام بالأمر بعده المقتفي لأمر الله أبو عبد الله محمد بن المستظهر المتقدم ذكره؛ بويع بالخلافة يوم خلع الراشد بالله، وتوفي ثاني ربيع الأول سنة خمس وخمسين وخمسمائة.
وقام بالأمر بعده ابنه المستنجد بالله أبو المظفر يوسف؛ بويع له بالخلافة يوم وفاة أبيه المقتفي، وتوفي تاسع ربيع الأخر سنة ست وستين وخمسمائة.
وقام بالأمر بعده ابنه المستضيء بالله أبو محمد الحسن؛ بويع له بالخلافة يوم وفاة أبيه المستنجد من أقاربه بيعة خاصة، وفي عشره بيعةً عامة، وتوفي ثاني ذي القعدة سنة خمس وسبعين وخمسمائة.
وقام بالأمر بعده ابنه الناصر لدين الله أبو العباس أحمد؛ بويع له بالخلافة يوم موت أبيه المستضيء، وتوفي أول شوال سنة اثنتين وعشرين وستمائة.
وقام بالأمر بعده ابنه الظاهر بأمر الله أبو نصر محمد؛ بويع له بالخلافة يوم موت أبيه الظاهر، وتوفي لعشر خلون من جمادى الأولى سنة أربعين وستمائة.
وقام بالأمر بعده ابنه المستعصم بالله أبو أحمد عبد الله؛ بويع له بالخلافة يوم موت أبيه المستنصر بالله، وقتله هولاكو ملك التتار في العشرين من المحرم سنة ست وخمسين وستمائة. وبقتله انقرضت الخلافة العباسية من بغداد؛ وهو الثامن والثلاثون من خلفاء بني العباس ببغداد إذا عدت خلافة ابن المعتز، وحسبت خلافة القاهر أولاً وثانياً خلافة واحداً.
الطبقة الرابعة خلفاء بني العباس بالديار المصرية من بقايا بني العباس:
وأول من قام بأمر الخلافة بها المستنصر بالله أبو القاسم أحمد بن الظاهر بالله أبي نصر محمد المتقدم ذكره؛ وذلك أنه لما قتل التتر المستعصم المتقدم ذكره، وبقيت الخلافة شاغرةً نحواً من ثلاث سنين ونصف ثم قدم جماعة من عرب الحجاز إلى مصر في رجب سنة تسع وخمسين وستمائة أيام الظاهر بيبرس، ومعهم المستنصر المذكور، وذكروا أنه خرج من دار الخلافة ببغداد لما ملكها التتر، فعقد له الملك الظاهر مجلساً حضره جماعة من العلماء، منهم الشيخ عز الدين بن عبد السلام شيخ الشافعية، وقاضي القضاة تاج الدين ابن بنت الأعز الشافعي، وهو يومئذ قاض بالديار المصرية بمفرده، وشهد أولئك العرب بنسبه، ثم شهد جماعة من الشهود على شهادتهم يحكم الأستفاضة، وأثبت ابن بنت الأعز نسبه، ثم بايعه الملك الظاهر بالخلافة وأهل الحل والعقد، واهتم الملك الظاهر بأمره، واستخدم له عسكراً عظيماً، وتوجه الملك الظاهر إلى الشام وهو صحبته فجهزه من هناك بعسكره إلى بغداد طمعاً أن يستولي عليها وينتزعها من التتار، فخرج إليه التتار قبل أن يصل بغداد فقتلوه، وقتلوا غالب عسكره في العشر الأول من المحرم سنة ستين وستمائة، فكانت خلافته دون السنة؛ وهو أول خليفة لقب بلقب خليفة قبله، وكانوا قبل ذلك يلقبون بألقاب مرتجلة. وقام بالأمر بعده الحاكم بأمر الله أبو العباس أحمد بن حسين بن أبي بكر ابن الأمير أبي علي القبي ابن الأمير حسن بن الراشد بالله أبي جعفر المنصور المتقدم ذكره في الخلفاء ببغداد. قدم مصر سنة تسع وخمسين وستمائة، وهو ابن خمس عشرة سنة في سلطنة الظاهر بيبرس، وقيل أن الظاهر بعث من أحضره إليه من بغداد، وجلس له مجلساً عاماً أثبت فيه نسبه، وبايعه بالخلافة في سنة ست وستين وستمائة. وأشركه معه في الدعاء في الخطبة على المنابر، إلا أنه منعه التصرف والدخول والخروج. ولم يزل كذلك إلى أن ولي السلطنة الملك الأشرف خليل بن المنصور قلاوون، فأسكنه بالكبش بخط الجامع الطولوني، فكان يخطب أيام الجمعة في جامع القلعة ويصلي، ولم يطلق تصرفه إلى أن تسلطن المنصور لاجين، فأباح له التصرف حيث شاء وأركبه معه في الميادين؛ وتوفي في شهور سنة إحدى وسبعمائة.
وقام بالأمر بعده ابنه المستكفي بالله أبو الربيع سليمان بالعهد من أبيه الحاكم، وبويع له بالخلافة يوم موت أبيه، واستقر على ما كان عليه أبوه من الركوب والنزول وركوب الميادين مع السلطان إلى أن أعيد السلطان الملك الناصر محمد ابن قلاوون إلى السلطنة المرة الثانية بعد خلع الملك المظفر بيبرس الجاشنكير في شهور سنة تسع وسبعمائة، فحصل عند السلطان منه وحشة، فجهزه إلى قوصٍ ليقيم بها، وبقي بقوص حتى توفي في سنة أربعين وسبعمائة.
وولي الخلافة بعده ابنه المستعصم بالله أبو العباس أحمد بعهد من أبيه المستكفي بأربعين شاهداً بمدينة قوص، ودعي له على المنابر في العشر الأخير من شوال سنة أربعين وسبعمائة.
ثم خلعه الناصر محمد بن قلاوون، وبايع بالخلافة الواثق بالله أبا إسحاق إبراهيم بن الحاكم بأمر الله المتقدم ذكره، وأمر بأن يدعى له على المنابر، وتحمل له راية الخلافة، فجرى الأمر على ذلك. وكان قد هم بمبايعته بعد موت المستكفي فلم يتم له. فلما توفي الملك الناصر في العشرين من ذي الحجة سنة إحدى وأربعين وسبعمائة، أعيد المستعصم بالله أحمد المتقدم ذكره إلى الخلافة بعد خلع الواثق إبراهيم، وبقي حتى توفي رابع شعبان سنة ثمان وأربعين وسبعمائة.
ثم ولي الخلافة بعده أخوه المعتضد بالله أبو الفتح أبو بكر بن المستكفي بالله أبي الربيع سليمان سابع عشر شعبان سنة ثمان وأربعين وسبعمائة؛ وتوفي عاشر جمادى الأولى سنة ثلاث وستين وسبعمائة.
وولي الخلافة بعده ابنه المتوكل على الله أبو عبد الله محمد بن المعتضد بالله المتقدم ذكره بالعهد من أبيه المعتضد، واستقر له الأمر بعد وفاة أبيه يوم الخميس ثاني عشر جمادى الأولى سنة ثلاث وستين وسبعمائة، وبقي حتى خلعه الأمير أيبك أتابك العساكر في سلطنة الملك المنصور علي بن الأشرف شعبان بن حسين.
وولي الخلافة مكانه المستعصم بالله أبو يحيى زكريا بن الواثق إبراهيم المتقدم ذكره، فأقام في الخلافة دون ثلاثة أشهر. ثم أعيد المتوكل على الله محمد بن أبي بكر إلى الخلافة ثانياً في أواخر المحرم أو أوائل صفر سنة تسع وسبعين وسبعمائة، واستمر حتى قبض عليه الظاهر برقوق واعتقله بقلعة الجبل في مستهل شهر رجب سنة خمس وثمانين وسبعمائة.
وولي الخلافة مكانه الواثق بالله أبو حفص عمر بن الواثق بالله إبراهيم المتقدم ذكره، فبقي حتى توفي في العشر الأول من شوال سنة ثمان وثمانين وسبعمائة، فأعاد الظاهر برقوق المستعصم باله زكريا المتقدم ذكره ثانياً إلى الخلافة، والمتوكل على الله في الأعتقال والناس لا يرون في كل ذلك الخليفة غيره.
ثم عن للملك الظاهر برقوق بعد ذلك فأطلق المتوكل على الله من الأعتقال، وأكرمه وأحسن إليه في ثاني جمادى الأولى سنة إحدى وتسعين وسبعمائة، وبقي في الخلافة حتى توفي سابع عشري شهر رجب الفرد سنة ثمان وثمانمائة.
وولي الخلافة بعده ابنه أبو الفضل العباس ولقب المستعين بالله وبقي في الخلافة على سنن من تقدمه من الخلفاء العباسيين بالديار المصرية من قصور أمره على العهد إلى السلطان والدعاء له على المنابر قبل السلطان إلى أن قبض على الناصر فرج بن برقوق بالشام في الثاني عشر من ربيع الأول من سنة خمس عشرة وثمانمائة، فاستقل بالأمر واستبد به، وأجمع له أمر الخلافة: من ضرب اسمه على السكة في الدنانير والدراهم والدعاء له على المنابر بمفرده، والعلامة على التقاليد والتواقيع والمكاتبات وغيرها، وفوض أمر تدبير دولته للأمير شيخ وكتب له تفويضٌ في ورق، عرضه ذراعٌ ونصفٌ بذارع البز، يزيد عما كان يكتب فيه للسللاطين نصف ذارع بقلم مختصر الطومار.
وكان المتولي لأمر كتابته المقر الشمسي محمد العمري عين أعيان كتاب الدست الشريف بالأبواب الشريفة السلطانية، ونائب كاتب السر. وسيأتي ذلك الكلام على التواقيع في المقالة الخامسة إن شاء الله تعالى.
وأما مقرات الخلفاء، فهي أربع مقرات المقرة الأولى المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام والتحية والأكرام كانت مقرة الخلفاء الراشدين إلى حين انقراضهم، وذلك أن مبدأ النبوة كان بمكة ثم هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، وأقام بها حتى توفي في الثالث عشر من ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة.
ثم كان بعده في لخلافة أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، ثم الحسن إلى حين سلم الأمر لمعاوية، وإنما كان مقام علي والحسن بالعراق زمن القتال بينهما وبين معاوية.
المقرة الثانية الشام وهي دار خلفاء بني أمية إلى حين انقراضهم قد تقدم أن معاوية كان أميراً على الشام قبل الخلافة، ثم استقل بالأمر حين سلم إليه الحسن، ويبقي في الشام وهو ومن بعده إلى حين انقراض خلافتهم، فقتل مروان بن محمد على ما تقدم ذكره. وكانت دار إقامتهم دمشق، وإن نزلوا غيرها فليس لإقامة.
المقرة الثالثة العراق وهي دار خلفاء بني العباس:
وكان أول مبايعة السفاح به بالكوفة على ما تقدم، ثم بنى بعد ذلك بالأنبار مدينةً وسماها الهاشمية ونزلها. فلما ولي أخوه أبو جعفر المنصور الخلافة بعده ابنه بنى بغداد وسكنها وصارت منزلاً لخلفاء بني العباس بعده إلى حين انقراض الخلافة منها بقتل التتر المستعصم آخر خلفائهم بها.
المقرة الرابعة الديار المصرية وهي دار الخلافة الآن وقد تقدم سبب انتقال الخلافة إليها بعد انقراضها في بغداد في الكلام من ولي الخلافة من الخلفاء، فأغنى عن إعادته هنا.
وقد تقدم أن الحاكم بأمر الله ثاني خلفائهم بمصر أسكنه الأشرف خليل بن قلاوون بالكبش بخط الجامع الطولوني. أما الآن فاستقرت الخلافة بخط المشهد النفيسي بين مصر والقاهرة، ولا أخلى الله هذه المملكة من آثار النبوة.